27 - 06 - 2024

مؤشرات | انقلابات أفريقيا ومن باع ومن اشترى

مؤشرات | انقلابات أفريقيا ومن باع ومن اشترى

أصبح معتادًا أن نصحو صباحًا لنجد انقلابًا في دولة أفريقية، ولم يعد هذا مستغربًا في قارة يتحكم فيها غير أهلها، وتلعب التمويلات من كل صوب وحدب دورا في دعم فريق ضد فريق ، ودولة ضد أخرى، والصراخ الإفريقي يتواصل مما يجري في هذه القارة المظلومة والتي حصدت وتحصد غالبية الانقلابات في العالم والتي يقودها العسكريون.

تركزت أكثر الانقلابات العسكرية في أفريقيا في دول غرب القارة، التي يتمتع بعضها بثروات تطمح دول غربية إلى استغلالها، وحصدت أفريقيا الأغلبية العظمي من الإنقلابات في العالم، خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي قاربت العشرين انقلابا، منها 17 بين عامي 2017 و2023.

من الملاحظات التي رصدها المتابعون والباحثون أن قادة الانقلابات هم من جيل الشباب، كما أن معظم وربما كل هذه الانقلابات لم تشهد أعمال عنف، واتسمت بالسلمية، وأنها حملت نبرة عدائية للدول الغربية، وخاصة فرنسا صاحبة أكبر نفوذ في القارة السمراء، في وقت تم توجيه اتهامات لأصابع عالمية تبحث عن نفوذ جديد في القارة على حساب فرنسا، خصوصا من روسيا والصين، بينما ظل الاتهام موجها لأمريكا كأحد أهم الداعمين في الخفاء لأي شكل من أشكال عدم الاستقرار في أفريقيا.

ومن الملاحظ أن الشهور الـ37 الأخيرة بين أغسطس 2020 وأغسطس 2023، هي الأعلى في معدلات الإنقلابات العسكرية في تاريخ القارة، حيث شهدت سبعة انقلابات، أحدثها إعلان ضباط الجيش في الجابون، وبعد أيام قليلة من إعلان فوز "علي بونجو" بولاية جديدة بعد 14 عما من حكم أهم بلد أفريقي غني بالنفط، وسبقها بأيام انقلاب النيجر، والذي مازالت تداعياته الشغل الشاغل للمنظمات العالمية والأفريقية، وسط خلاف واختلاف في المعالجة بعضها علني والآخر في الغرف المغلقة، بل وصل الأمر إلى تهديد مستقبل منظمات أفريقية.

مؤكد أن الإنقلابات وراءها أسباب اقتصادية وسياسية وفساد وأوضاع اجتماعية، ولكن حتما هناك مستفيدون، وهناك من باع ومن اشترى، في مثل تلك الأحداث، ومازالت الدول الإفريقية تعيش ظروفا مهيئة للانقلابات، مثل الفقر وضعف الأداء الاقتصادي والفساد وربما الخيانة.

ورغم ذلك بقى لفظ "انقلاب"، كلمة مكروهة ومقيته في قاموس إفريقيا وقاموس العالم، ففي كثير من الدول أوقفت الانقلابات الحياة في البلاد التي وقعت فيها، ومازالت العديد من الدول تعاني من تأثيرات الانقلابات المتكررة، مثلما حدث في نيجيريا، وهي من أكثر الدول التي شهدت انقلابات منذ الإستقلال حيث شهدت 8 انقلابات، ومازالت تعاني رغم أنها من أهم الدول المنتجة للبترول.

والسودان الأشهر في الإنقلابات العسكرية بواقع 16 إنقلابا، معظمها كان مصيره الفشل، بينما كان منها ستة نجحت في الإستيلاء على السلطة، وكثرة الإنقلابات كان جزءا من أسباب تقسيم السودان إلى دولتين، وربما يكون هناك تقسيم آخر قادم، بفعل فاعل وبأصابع خارجية، وتبدو بوادره حاليًا.
---------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | استثمار زراعي .. ولا مكان لصغار الفلاحين





اعلان